الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
روى البخاري ومسلم عن أبي ثعلبة الخشني، قال قلت يا رسول اللّه إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم، وبأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بعلم وبكلبي المعلم فما يصلح لي؟ قال أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا بها، وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها، وما صدت بقوسك فذكرت اسم اللّه عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم اللّه عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل.على أنه إذا سمي التسمية وكان مسلما فلا بأس، قال في فتاوى الفيضية: وإن تركها ناسيا يحل، والمسلم والكتابي في ترك التسمية سواء- كذا في الكافي ج 2 ص 230- هذا وإن القرآن العظيم لم يتعرض لنجاسة الكلب وأكله، وقد جاء في الحديث الصّحيح: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب».وهذا مما يدل على نجاسته وحرمة أكله، ولهذا بالغ المسلمون في تجنب الكلاب، لأن إرشاده صلّى اللّه عليه وسلم ينطوي على فوائد كثيرة من النّاحية الطّيبة، لأن الكلاب تسبب أمراضا بملامستها لأنها تحمل جراثيم كثيرة أهمها داء الكلب والعياذ باللّه، وهو لا يظهر مبدئيا على الكلب فإذا عض إنسانا انتقل ذلك الدّاء العضال اليه، وإذا لامس شخص شعر كلب مصاب بدودة (الأكيزكوس) فيلتصق بعض بويضاتها المتناثرة من براز الكلب على شعره، فإذا تناول الشّخص طعاما بعد ذلك تكونت في الحوصلة في كبده أو في الرّئتين أو في المخ، وقد ينشأ عنه الموت، ولهذا فإن البلاد التي يكثر فيها احتكاك الإنسان بالكلب يكون هذا المرض فيها متفشيا، حتى انه بلغ عدد المصابين بذلك في ايسلندا ومراعي اوستراليا 15 في 100، وقد حفظ اللّه البلاد الإسلامية من هذا الدّاء لتجنب أهلها مباشرة الكلاب اتباعا لتحريض الشّرع الشّريف عن مقاربتها، وهذا من جملة الحكم البالغة فهنا لها ديننا الحنيف الذي أنجبت تعاليمه العظماء الّذين دان لهم الدّهر بالفضائل، وإن الأمة الإسلامية العربية لم تصل إلى العزّة والمجد وتملك الشّرق والغرب إلّا بفضل تمسكها بتعاليم دينها السّامية ولم ينحط قدرها ويتسلط عليها عدوها إلّا عند ما تقاعست عن تلك التعاليم حتى صاروا على ما هم عليه الآن من ذل وهوان واستعمار، اللهم وفقهم للعود إلى دينك كما أردت، واهدهم لما فيه رشدهم.واعلم أن تحريم أكل الميتة لا يسري إلى عدم الانتفاع بشعرها وجلدها وعظمها كما جرى عليه أبو حنيفة رضي اللّه عنه خلافا لما ذهب اليه الشّافعي رحمه اللّه في ذلك، وأجاز مالك الانتفاع بعظمها فقط، وإن تحريم أكل الحيوان المنصوص عليه في هذه الآية مؤيد بقوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الآية 146 من سورة الأنعام والآية 116 من سورة النّحل في ج 2 وآية البقرة 172 المارة، فالتنزيل المكي والمدني اقتصر على تحريم الميتة والدّم والخنزير، وما في آية المائدة هذه يدل على أن تناول غيرها من الحيوان جائز بدليل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} الآية 40 من البقرة، وهذه الآية الكريمة وإن كانت تفيد الإطلاق إلّا انها تقيدت بما ورد في الآيات الأخر المذكورة أعلاه وهو ظاهر القرآن، فلا يحتاج لتأويل أو تفسير أو قياس، والمطلق يحمل على المقيد كما أشرنا إليه آنفا.هذا وقد أورد الفقهاء في كتبهم أحاديث صحيحة جاءت عن حضرة الرّسول بتحريم أكل كلّ ذي ناب من السباع وكلّ ذي مخلب من الطّير والحمير الأهلية، فعلى الورع أن يتقيد بما جاء عن حضرة الرّسول لأنه لا ينطق عن الهوى، وقد أمر اللّه بذلك فقال عز قوله: {ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الآية 8 من سورة الحشر المارة على شرط أن يوثق بصحة ما ورد عنه صلّى اللّه عليه وسلم قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ} التي سألتم عنها وقد كررها تأكيدا {وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} فلا حرج بالأكل عندهم ومعهم وعلى مائدتهم مما يحل أكله عندكم وشربه، أما المجوس والمشركون ومن ليس لهم كتاب سماوي فلا يحل أكلهم للمؤمنين ولا جناح على المؤمنين أن يطعموهم من طعامهم، ولا قيمة لقول من قال أن المراد بالطعام هو الحبوب المطحونة غير المطبوخة ويحرم طعام أهل الكتاب ويعتقد نجاستهم المذكورة في الآية 28 من سورة التوبة الآتية نجاسة حسية لا معنوية لمخالفة صراحة هذه الآية والإجماع وما كان عليه عمل الأصحاب، كما لا وجه لقول من قال إن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} الآية 122 من سورة الأنعام في ج 2 لأنها مطلقة، وليس الأمر كذلك، لأن الأصل أنهم يسمون عند الذبح فيحمل أمرهم على هذا.قل إنا إذا تيقنا أنهم يذبحون على غير اسم اللّه فلا يحل لنا الأكل منه، وليس علينا أن نسأل عن هذا، ولا يجوز أن نأخذ بقول لا يعتمده الكتاب ولا السّنة.على أن أبا حنيفة رحمه اللّه قال لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين قلنا، وعلى أي دليل استندنا.وقال الشّافعي رضي اللّه عنه إذا صح الحديث فهو مذهبي وقال غيره تأويلا لقوله إذا صح الحديث فهو مذهبي بما يخالف قولي فاضربوا بقولي عرض الحائط {وَالْمُحْصَناتُ} العفيفات الحرائر أحل لكم أخذهن سواء كن {مِنَ الْمُؤْمِناتِ} أو من غيرهن لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أيضا {إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} مهورهن {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ} أي متزوجين غير زانين {وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ} صاحبات يفجرون بهن، وهؤلاء الصّديقات اللائي هنّ في الحقيقة عدوّات قد تنفرد الواحدة منهن لأن يبغي بها صاحب واحد تخلص اليه فقط فلا تزاني غيره، ومنهن من تزاني غيره أيضا، وهذا حرام قطعا لا فرق بالزنى بها وبالمسب لة، راجع الآية 25 من سورة النّساء المارة فيما يتعلق في هذا البحث ففيه كفاية {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ} فيما أحل اللّه وحرم ويتخذ أشياء محرمة بزعمه أنه لا بأس بها {فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} محق ثوابه وحرم من أجره إذا مات على حالته تلك دون توبة.واعلم أن قيد المؤمنات بالحرائر ليس بشرط إذ يجوز له أن يتزوج بالإماء كما أوضحناه في الآية 32 من سورة النّور المارة.واعلم أن اتخاذ الأخدان للزنى بهن يدل على الاستحلال، ومن استحل شيئا مما حرم اللّه فهو كافر، ولهذا قال تعالى: {وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ} (5) واعلم أن لفظ المحصنات يطلق على المتزوجات كما أشرنا اليه في الآية 23 من سورة النساء المارة، وعلى الحرائر كما هنا، ولفظ الأجور يطلق على المهور كما في هذه الآية وآية 25 من النّساء والآية 11 من سورة الممتحنة المارة أيضا، وقد ذكرناه أن ما ذهب اليه بعض المفسرين من كون لفظ أجورهن الواردة في الآية 24 من سورة النّساء هي بدل المتعة هو الذي دعا أكثر المفسرين وحدابهم على تفسير قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} الآية 24 منها بان المراد في هذا الاستمتاع هو المتعة، ولو لا هذا التفسير لم يقل أحد بأن المتعة ثبتت بالقرآن ونسخت بالسنة، لأن القول الحق انها ثبتت بالسنة ونسخت بها كما بيناه هناك، فراجعه.قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} إذا أردتم القيام إلى فعلها إذ لو أريد فعل الصّلاة لزم تقديم الصّلاة على الوضوء، وما قيل بأنه يوجد قراءة شاذة بعد لفظ الصّلاة (وأنتم محدثون) باطل لا أصل له ويحرم القول به، لأن القراءة لما بين الوقتين ثابتة بالتواتر، فإذا جوزنا قراءة ما لم يثبت تواتره لزم الطّعن في القرآن وهو براء من كلّ طعن، وهذا يفضي إلى القول بأن القرآن كان أكثر مما هو في المصاحف كما قيل في سورة الأحزاب التي أوردنا على القائل فيها بما هو أهله، راجع هذا البحث في آخرها ففيه كفاية.ويفهم مما يأتي بعد أن المراد من مفهومه وأنتم على غير طهارة شرعية، وأن حذف ما هو مفهوم المعنى من اختصارات القرآن وإيجازاته وكثيرا ما يحذف جملة أو كلمة أو حرف بناء على ذلك بدلالة جملة أو كلمة أو حرف عليها، وهو من أنواع البديع المحسن للكلام وجواب إذا {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}.وبهذا يرتفع الحدث الأصغر، ثم ذكر ما به يرتفع الحدث الأكبر بقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} أي اغسلوا جسدكم كله، لأن التضعيف في الفعل يدل على المبالغة.وإذا كان الحرج منفيا في هذا الدّين الحنيف وعلم اللّه أزلا أن الماء قد يضر استعماله أحيانا وقد لا يوجد، ويوجد مع الحاجة اليه لنفس أو حيوان أو طبخ، فرخص اللّه تعالى في عدم استعماله في قوله عز قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ} المكان المنخفض مطلقا ويطلق على المختص بقضاء الحاجة غالبا، ولذلك استعير لها كما استعير عن كلمة الجماع ب {أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ} فاجنبتم {فَلَمْ تَجِدُوا ماءً} كافيا لهاتين الطّهارتين أو أحدهما أو كان ولم تقدروا على استعماله لخوف أو مرض أو حاجة، فلم يجعل اللّه عليكم ضيقا ويلزمكم باستعماله لأداء عبادته، بل جعل لكم من فضله خلفا عنه إذا تعذر عليكم بقوله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} طاهرا نقيا، راجع الآية 43 من سورة النّساء في بحث التيمم ومعنى الصّعيد.
.مطلب في أحكام التيمم وكيفيته وجواز الوضوء الواحد لخمس صلوات وإن كلمة إنا لا تفيد العموم وفروض الوضوء وكيفيته: ثم بين كيفية التيمم بقوله: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} أي التراب المعبر عنه بالصعيد الذي معناه وجه الأرض بدلا من الوضوء والغسل وإنما أباح لكم هذا لأنه {ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} في الطهارة كما لم يجعل عليكم حرجا في غيرها {وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} عند ما تقومون لعبادته بالماء طهارة حقيقة وعند فقده بالتراب طهارة حكمية تعبّدكم بها {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} برخصه كما أتمها بعزائمه {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (6) نعمه وتعلمون أنه لم يكلفكم بشيء إلّا أثابكم عليه قولا أو فعلا هذا واعلم أن لا محل للقول بان ظاهر الآية يدل على لزوم الوضوء لكل صلاة لما ثبت أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم جمع يوم الخندق بين أربع صلوات بوضوء واحد، وجاء في الصحيحين أن النّبي صلّى اللّه عليه وسلم قال لا يقبل اللّه صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ.على أنه يسن أن يجدد الوضوء لكل صلاة، أخرج الترمذي عن ابن عمر أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال من توضأ على طهر كتب اللّه له عشر حسنات.وما قبل إن النّبي وأصحابه كانوا يتوضئون لكل صلاة لا دليل عليه، إذ لو كان المراد وجوب الوضوء لكل صلاة لما جمع حضرة الرّسول بين أربع صلوات، وفي رواية خمس صلوات بوضوء واحد، ولما قال في هذا الحديث من توضأ على طهر، ولأن كلمة إذا لا تفيد العموم، إذ لو قال رجل لامرأته إذا دخلت الدّار فأنت طالق فدخلت طلقت لأول مرة فقط، فإذا دخلت ثانيا وثالثا لا يقع عليه شيء، فدل هذا على أن كلمة إذا لا تفيد العموم.هذا وإن فروض الوضوء المتفق عليها أربعة الأوّل غسل الوجه من مبدأ سطح الجبهة إلى أسفل الذقن طولا، وما بين شحمتي الأذنين عرضا وإذا كان له لحية خفيفة وجب إيصال الماء إلى أصول الشّعر، وإذا كانت كثيفة بأن لا ترى بشرة ما تحتها كالخفيفة كفى إمرار الماء على ظاهرها، الثاني غسل اليدين إلى المرفقين والغاية داخلة في المغيا، الثالث مسح ربع الرّأس لأنه أقل حد الإطلاق على الكل يؤيده فعل الرّسول صلّى اللّه عليه وسلم بالحديث الذي رواه المغيرة بن شعبة، ورأى الشافعي رحمه اللّه بكفاية مسح شعرة واحدة لأن الباء للتبعيض فيصدق على الشّعرة وهي بعض شعر الرّأس لا بعض الرّأس، والأوّل أولى لسنية مسح جميعه عند الكل، الرابع غسل الرّجلين إلى الكعبين فالكعبان داخلان، كدخول المرفقين باليدين، لأن الحد إذا كان من جنس المحدود دخل فيه كما في هذه الآية، لأن المرفق والكعب من جنس اليد والرّجل، أما إذا كان من غير جنسه فلا يدخل كما في قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ} الآية 180 من البقرة لأن اللّيل ليس من جنس النّهار راجع تفسير هذه الآية وما ذكرناه مؤيد بفعل الرّسول وزاد الشّافعي استنباطا من مفهوم هذه الآية المفسرة فرضين آخرين الأوّل ويكون الخامس النّية عند غسل الوجه لأن الوضوء مأمور به وكلّ مأمور به يجب أن يكون منويا، مستدلا بقوله صلّى اللّه عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات، والثاني وهو السّادس الترتيب بحسب نسق الآية، وقال أبو حنيفة إن اللّه لم يوجب النّيّة في هذه الآية وإيجابها زيادة على النص، والزيادة على النّص نسخ ونسخ القرآن بخبر الواحد أو بالقياس أو بالحديث غير جائز، وكذلك الترتيب لأن العطف بالواو لا يفيد ترتيبا ولا تعقيبا بلا خلاف عند اللّغويين كافة، ولم تأت الآية بالفاء أو ثم المفيدين لذلك، أما حديث النّيات فيفيد كمال الأعمال لا نفسها، ولا الفاء في قوله فاغسلوا ملتصقة بذكر الوجه واقعة في جواب إذا ليس إلا، فظهر من هذا أن فروض الوضوء أربعة لا غير، وما قيل أن الوضوء كان واجبا لكل صلاة ثم نسخ قيد واه لا حقيقة له، وقد قال صلّى اللّه عليه وسلم المائدة في آخر القرآن نزولا فأحلّوا حلالها وحرموا حرامها، وحديث سنيّة الوضوء على الوضوء لم يقصد منه إلّا زيادة الأجر، وان ما قال الإمامية أن الرّجلين ممسوحة لا مغسولة استنادا لما جاء عن ابن عباس أنه قال الوضوء غسلتان ومسحتان ووافقه عليه قتادة وقول أنس نزل القرآن بالمسح والسّنة بالغسل، وقول عكرمة ليس في الرّجلين غسل انما نزل فيها المسح، وقول الشّعبي ألا ترى أن ما كان عليه الغسل جعل عليه التيمم، وما كان عليه المسح أهمل، وقول ذوو الظّاهري يجمع بين الغسل والمسح، وقول الحسن البصري يخير المكلف بين الغسل والمسح فهذا كله أخذ على ظاهر القرآن من قراءة الجر غير المتواترة، أما على قراءة النّصب المتواترة والتي عليها المصاحف المجمع عليها فلا يتجه.
|